ما هو المصطلح الأفضل للاستخدام؟ “الاندماج” او “التضمين” او حتى “الانصهار” يدخل في النقاش. هذا ليس سؤال عن المعنى ولا يناسب أي منهم بشكل مناسب ومتكامل. الانصهار في المجتمع هو المصطلح الأقل تفضيلا لدينا ولعدة أسباب أولها لانه يوحي على فقدان أي تنوع. اما مصطلح “التضمين” فيوحي على الاستبعاد. أي يوحي على انه قد يتم ادخال او ادراج شخص ما في بيئة قائمة ومحددة مسبقا، وذلك يوحي لحراس البوابات- أي ان لشخص ما السلطة بالسماح للدخول الى هذا المكان. اما مصطلح الاندماج فله عيوبه كذلك. ففي العادة ما يعتقد ان عبء او مسؤولية الاندماج تقع على عاتق الشخص الجديد القادم حديثا او الواصل مؤخرا. و”هم” بحاجة الى الاندماج “لنا”.
حكاية
علق صديقان من اهل البلد بحماسة بين بعضهما البعض كيف ان صديقتهم الأخرى المولودة في بلد بعيد ثان قد “اندمجت بشكل جيد بالمجتمع” لأنها تجيد الكرواتية بشكل جيد جدا وبلكنة اهل زغرب وانتبه الاثنان الى انها كانت قد تعلمت بعض العادات او التصرفات لتناسب بيئتها الجديدة. وعلى الرغم من ان تعليقهم على الموضوع كانت بمثابة مديح وبحسن نية، الى ان تبعات او عواقب كلماتهم مخيفة وخطيرة. لأنه كما لو اننا نقول ان الشخص المندمج في المجتمع بشكل جيد هو شخص لا يمكن ان تفرقه عن الباقين. وكما لو كان كل شيء يتعلق بتقليد الاخرين ومحاكاتهم كي لا تبرز عنهم. هذا يكون كما لو اننا كنا نقول ” يجب ان تشبهونا، تكونوا مثلنا وتتكلموا مثلنا وبعدها فقط يمكنكم ان تكونوا مندمجون بشكل ناجح”.
وضمن احسانهم، يتجاهلون تخمينهم او افتراضاتهم حول معنى الاندماج في المجتمع وكيف ينفذ ومن هم المشتركين في العملية. ويوحي تعليقهم على انها “هي القادمة الجديدة شخصيا” مسؤولة عن تعلم كيف يتم الاندماج بشكل صحيح.
ولم يفكر الاثنان عن ماذا تخلت او تنازلت صديقتهما لتصبح ” مندمجة بشكل جيد”.
ولم يفكر الاثنان في ان تعليقهما يضع الـ “انا” بشكل معاكس منها او ضدها حتى، على اعتبارها “الشخص الاخر”.
ولم يفكر الاثنان في كيف ان تحولهم أيضا عبر التجارب الجديدة هذه ان يأخذان حيز ما في فكرة بناء المجتمع وان يصبحا جزءا في الاندماج.

في زيفي اتيليه د.ك. (Živi Atelje DK) يشمل مصطلح الاندماج في المجتمع معنى واسع ومتحول ليغطي الجميع. في الواقع، عمليا في البداية تجنبنا استخدام هذا المصطلح وكنا نقول: نحن لا نتكلم عن ذلك، اننا نقوم به”. اما الان فاننا نشعر بالحاجة الى التحدث عنه ومشاركة تجربتنا بهذا الموضوع في النقاش الخاص بمعنى المصطلح الدلالي.
ادركنا عندما اجتمعنا في العام 2015 لتكوين مجتمع صغير اننا جميعا فريدون بشكل من الاشكال وهذا لم يكن مفاجئة ابدا. فنحن بالطبع نتكلم بلغات مختلفة، ولدينا تراث واديان متنوعة او أنظمة عقائدية او امتيازات او سلطة مختلفة. وبمرور الوقت ادركنا كذلك عبر تبادل المعرفة واستكشاف العالم والفن والحياة وبناء المجتمع اننا جميعا نتغير بشكل دائم وبطرق متنوعة، بدرجات اكبر او اقل ولكن ذلك يحدث كنتيجة مباشرة لاحتكاكنا مع بعضنا البعض.
لكل منا روابطه المتنوعة مع الماضي، في لحظات مختلفة من حياتنا. فقد يكوم للبعض مصدر الهام أحيانا ولكن للكثيرين غالبا ما يكون بمثابة ثقل وعبء يجرهم الى اكتئاب وقلق غامض. ومع ذلك فان التحرر من الماضي يمكن الاجنحة من التمدد ومن ثم يصبح المستقبل الأفضل اقرب. فيواصل كل منا بالتغير والاشتراك برغبة سوية في البناء للمستقبل.
وبمرور الوقت في التواجد بهذه الطريقة يكون كل واحد منا قد تأثر بطريقة ما. فلم يكن هناك شخص او مجموعة “جديدة” تحتاج للاندماج في مجموعة أخرى قديمة. بذلك لا يوجد تغيير ذو اتجاه واحد، فـ “هم” يصبحون اكثر مثلنا “نحن”. أي ان مجموعة من العلاقات تكون متداخلة ودائمة النمو لتنمية مجتمعنا.

يجسد تحولنا الارتباطي العلاقة فيما بيننا ويظهر بطرق مختلفة كتحول عجينة الفخار الطينية داخل الفرن او كالشاي المعد بمياه عيون الماء الطبيعية او الزجاج المنصهر بلهب النار.
وبالنسبة لنا، وربما بالنسبة لكم أيضا، فمن المنطقي ان نرى بان الاندماج المجتمعي هو شيء نقوم به جميعا على حد سواء وبشكل مستمر لتنشأت مجتمع يركز على المسار والطريقة، لا على البداية ولا النهاية، لا على النجاح او الفشل بل على الواقع فقط، واقع حياتنا.
في منظمتنا الفنية نضجت ممارستنا البديهية نسبيا على مر السنين لتصبح الان بشكل اكبر كممارسة موضوعة نواصل في اكتشافها وتجربتها: والاندماج كعملية يشارك فيها الجميع لخلق مجتمع دائم التطور باستخدام الفن كوسيلة لجمع الناس معا عبر الصحبة المتبادلة.