كان يا ما كان في قديم الزمان وسالف العصر والاوان، كان ذات يوم فتاة تربت وهي تلعب بالطين في معمل طابوق والدها. كانت الحياة تبدو بشكل جيد ككل بدايات الحكايات، ولكن سرعا ما حدث شيء وغير حياتها للأبد الا وهو الحرب العالمية الثانية. فأصبحت الفتاة مع اسرتها لاجئة هاربة من مسقط راُسها حتى لا يتم استهدافهم مما كانت تعرف آنذاك بدولة كرواتيا المستقلة المتحالفة مع دولة المانيا النازية. تم اعتراض الاسرة عندما كانوا قي طريقهم لعبور الحدود الإيطالية، مما أدى الى وضعهم في معسكر ايطالي للاعتقال حيث عانوا الكثير لكنهم نجوا منه لاحقا. وعندما استسلمت إيطاليا في العام 1943، انضمت الفتاة وعائلتها مع الالاف من اللاجئين الاخرين للاختباء في الغابات، فارين من مكان لآخر ومحتمين بالثوار اليوغسلافيين (البارتيزان) حتى انتهاء الحرب في العام 1945.
عالم جديد، عصر جديد، تفاءل وفرصة جديدة، أصبحت تلك الفتاة الان امرأة بالغة ارادت ان تصبح فنانة. تخرجت كنحاتة من اكاديمية الفنون الجميلة في زغرب تحت اشراف بعض أشهر أسماء تلك الحقبة كـ أنطون اوغوستيتشيتش (Anton Augustinčić) و فرانو كرشينيتش (Frano Kršinić).

حصلت زمالة من الدولة الفرنسية لدراسة الدكتوراه من المدرسة الوطنية للفنون الجميلة في باريس. ولكن في العام 1953 لم يكن هذا الامر بالهين ابدا، فكانت قد مرت ثمان سنوات فقط على الحرب، فالجروح كانت لاتزال طرية وغير ملتئمة.
واهلتها درجتها العلمية (الفنية) اثناء عودتها الى زغرب للحصول على مساحة ممنوحة من الدولة لتصبح مشغلها. حصل العديد من زملائها الذكور على استوديوهات وعليات فسيحة ذات نوافذ كبيرة. اما هي فحصلت على مكان كان مخبز قديم مهجور داخل الفناء الواقع في شارع ايليسا 110 (Ilica 110). فقامت اسرتها ببيع شقتهم، وبمساعدة اصدقائها من المهندسين المعماريين والبنائين والفنانين والشعراء وغيرهم اعادت تصميم وترتيب تلك المساحة لتصبح مشغلها في العام 1958.
وحتى وفاتها في العام 2014 عملت وابدعت ونحتت في هذا المكان.
هذه نبذة مختصرة لتاريخ حياة فيرا دايخت كرال، احدى أبرز فناني وفنانات النحت في النصف الثاني من القرن العشرين بدولة يوغسلافيا السابقة (كرواتيا حاليا).
ومنذ العام 2015 وفي نفس المكان الذي كان مشغلها، استمر ارثها الفني والحياتي بتأسيس جمعية فنية تعاونية غير ربحية تدعى زيفي اتيليه د. ك. (عربيا – المشغل الحي د. ك.)
ما يلي هو انعكاس لأفكارنا في السنوات التسع الأولى.