(فقرة من العمل المتواصل على مجموعة اعمال VDK)
لم يلتق بعضنا فيرا ابدا. نقوم بالعمل على مجموعة اعمالها والبحث في ارشيفيها الممتلئ ليس فقط بالمخططات والتصاميم والرسومات المهنية المهمة، بل كذلك بملاحظاتها الشخصية وتعبيرها وحساباتها وقصائدها الشخصية وغير الشخصية وصورها الفوتوغرافية الممزوجة بشخبطات ووصفات كيميائية وملاحظات من حديثها، وحديث معارفها واصدقائها وزملائها. لم نكتشف ونستكشف عبر هذا البحث اعمال فيرا الفنية الرائعة فقط، بل تفاصيل حياتها أيضا. كان احدى جوانب تلك المهمة هو التواصل الاجتماعي مع الاشخاص الذين كان مشغلها محل لقاءاتهم من مختلف المهن والطبقات الاجتماعية والاجيال.

كما ويظهر بوضوح اهتمام فيرا في خلق اعمال فنية من مواد ووسائط مختلفة بمجرد دخولك مشغلها (الاتيليه): نقوش ومنحوتات ورسومات معلقة مالئة الجدران بالكامل تقريبا، اعمال مكتملة وأخرى تجريبية غير مكتملة من تعبيرها. لكن تتضمن مجموعة اعمالها أكثر بكثير من الجزء المرئي، حيث توجد في الكثير من الخزانات رسومات وملاحظات وأدوات ومواد وقصائد وكتب مختلفة جمعتها عبر رحلاتها وكذلك توجد أشياء بقيت ذكرى لأصدقائها وزملائها الأعزاء. بالإضافة الى المشاريع والاعمال الفنية المسجلة والكاملة، لا يزال جزء كبير من القطع الفنية غير معروفة وبحاجة الى دراسة وتحديد السياق. وساعدها ذلك في الحقيقة ان فيرا نقلت الأفكار مرارا الى وسائط أخرى، في الغالب بتوسيع الاشكال والوحدات الموضوعية، من بينها الأكثر حضورا “العشاق والنساء والبحارة والقصص الأسطورية واشجار العائلة والابراج الفلكية والموسيقى والرقص”. وان فكرة او نمط ساحرة كريتش (Witch from the Grič) هي فكرة شائعة (كريتش – Grič او Grich هو الاسم المستخدم في العصور الوسطى لقلعة زغرب) توجد على سبيل المثال في الرسومات والملاحظات والاعمال الفنية العامة وحتى الأغاني. اما الانماط الزهرية فهي شائعة بشكل كبير وبالخصوص زهرة الشوك كنموذج رمزي.

امرأة قوية بروح لا تهدأ وتميل للتجربة بمختلف المواد والتقنيات والطرق والتي اكتشفنا انهم لا يزالون معضلة للكثيرين من الناس، كانت تمول نفسها من بيع حليها ومصوغاتها ومجوهراتها الاصلية المبتكرة.

مجموعة الاعمال الفنية هذه هي الجزء الأخير في عملية الفهرسة التي بدأت منذ العام 2015 بديناميكيات ومراحل متنوعة. وشارك فيها العديد من الخبراء في هذا المجال بجهدهم ومعرفتهم في فهرسة اعمالها والحفاظ عليها، الشيء الذي أتاح إمكانية عرضها لعامة الناس.
وعملت فيرا في صنع الحلي والمصوغات والمجوهرات منذ ستينيات القرن الماضي وحتى وفاتها، حيث جربت باستمرار تقنيات ومواد واشكال والوان مختلفة. وفي فرن الاستوديو الخاص بها، قامت بتحضير الاعمال الفخارية والخزفية وصهر الزجاج وصنع المسبوكات. وبحوض خاص في الطابق العلوي (العلية) من الاستوديو، اعدت حمامات كيميائية من وصفاتها الخاصة، حيث قامت بتشكيل وتغيير معادن مختلفة من خلال عملية الجفلنة (Glavanization) التي استخدمت بشكل ابداعي لاحتياجاتها الخاصة. كما قامت بصقل ورسم الحلي والمصوغات والمجوهرات وزينتها بالفضة والذهب ورصعتها بنباتات معدنية واحجار كريمة. ومرت كل قطعة بطبقات مختلفة من العمل في عملية تصنيع طويلة وشاقة، على الحدود الرفيعة ما بين النحت والكيمياء، حيث تغير بنية وشكل المواد المتنوعة مرات ومرات.
تحولت المهمة البسيطة المتمثلة في فهرست حلي ومصوغات ومجوهرات فيرا التي قبلناها في الوهلة الأولى بشيء من الحماس والسذاجة الى تحقيق جنائي عصيب. وصارت عملية تحديد المواد والتقنيات المستخدمة لكل قطعة حلي في بعض الأحيان مهمة مستحيلة لضرورة الكشف عن طبقات وطبقات من المعالجة والعمل المستمر. يتطلب إعطاء الطريقة الفريدة وشديدة التجربة لفيرا حقها في صنع الحلي والمصوغات والمجوهرات نهجا متعمقا لتحليل كل خاتم او قلادة او إسوار او مشبك (بروش) او سلسلة ولذلك كنا قد طلبنا المساعدة من عدد من الخبراء المختصين في الاعمال المعدنية والمصوغات الفنية لمساعدتنا في التحديد، ولهذا بدأ بحثنا بالتوسع شيئا فشيئا الى ما هو ابعد من مشغل ومعرض فيرا الخاص وقادنا ذلك الى استوديوهات وفنانين مميزين. البعض منهم مثل لازار لوميزي (Lazar Lumezi) كانوا من اصدقائها الذين كشفوا لنا بعض القصص الجديدة عن حياتها وعملها بالإضافة الى التاريخ المحلي لفن صناعة الحلي والمصوغات والمجوهرات. لقد سلكنا مسارات مماثلة وقمنا بعمل دليل مفتوح المصدر لبعض أعمالها الاخرى المتاحة للعموم. ومع هذا يبقى ان نرى الى أي اتجاه سيأخذنا هذا البحث حول حلي ومصوغات ومجوهرات فيرا.